الطبيب التاجر

في يوم من الأيام، مرض أخي فأخذناه أنا وأخي الأكبر إلى طبيب بمستوصف المدينة.. لمّا وصلنا جلسنا في قاعة الانتظار حتى يحين دورنا، وفي أثناء ذلك لاحظت أمرا ملفتا وغريبا في الوقت نفسه... عندما يدخل المريض للطبيب لا يبرح عنده إلا دقائق ثم يغادر. وهنا تساءلت عن السبب: أهو براعة وسجية في طبيبنا تجعله يشخص المرض في دقائق، أم هي اللامبالاة المنتشرة في عياداتنا ومستشفياتنا العامة؟

على كل حال... جاء دورنا وطلبت من أخي الذي يفوقني سنا أن يدخل مع أخي المريض، فأنا لا أحب أماكن التمريض، ربما بسبب روائح الدواء التي تنبعث منها ;)

لم يختلف حال أخواي عن سابقيهم، فقد خرجا بعد وقت قصير من الباب الخشبي المهترئ،  وعلامات الغضب ظاهرة على أخي الكبير، وحين سألته شرح لي ما جرى، حيث لم يدع الطبيب مريضه حتى يجلس، بل فحصه في سرعة وأخذ يدوّن وصفة الدواء، ثم التفت إلى أخي وقال إن مرضه هو التهاب اللوزتين وهناك دواء فعال يجده في الصيدلية المجاورة للعيادة، وختم جلسته السريعة بابتسامة ماكرة بعد أن أثنى على نوعية الدواء المتوفرة عند هذا الصيدلي!

على كل حال طلبت من أخي أن يهدأ وأن لا يحتج على الأمر، وسألنا الممرضة هناك عن وجود طبيب ثان حتى يعيد فحصه وإلا فسنتوجه إلى طبيب آخر خاص أو إلى المستشفى. في تلك الأثناء، كانت فتاة جالسة أمامنا تراقب ما يحدث، فتوجهت نحونا وأخبرتنا بأن تصرف هذا الشخص (أعني الذي يدعى طبيبا) نابع من "كونه غير مؤهل بما يكفي، ثم إن الصيدلية التي أمام المستوصف ملكه وبالتالي هو يتصرف على هذا النحو، هو يسرع لإصدار  وصفاته الممتلئة حتى يزيد في احتمال مبيعاته" !!! ياااه أليس الأمر مخجلا  ومقززا؟

إذن... تركنا المستوصف بعد أن استطعت امتصاص غضب أخي لكي لا يصبح ذلك الباب المهترئ من خبر كان بعد أن يرتطم برأس الطبيب التاجر، ثم توجهنا إلى طبيب خاص حيث تبين لنا أن مرض أخي هو بسبب ميكروب  وليس كما أخبرنا التاجر...